HUMAM المدير العام
عدد المساهمات : 1983 تاريخ التسجيل : 30/11/2009
| موضوع: قصه قصيره 2010,قصص جديده 2010,قصة رائحة البنفـسج الإثنين فبراير 22, 2010 10:06 pm | |
| [size=16]كلما خرجت إلى صيد الثعالب بواسطة الكلاب أقول لنفسي* بأني* إذا تمكنت من صيد واحد منها فلا بد أن أتأكد مما قاله زفوركن،* عالم التاريخ الطبيعي* والصياد الشهير،* في* كتابه المتميز"اصطياد الثعالب*". وأنا أتحدث هنا عن تلك الغدة الصغيرة الموجودة تحت* ذيل الثعلب عند المنبت والتي* تنبعث منها،* حسب زفوركن،* رائحة تماثل الرائحة المنبعثة من البنفسج في* يوم شديد البرودة*. ولقد عبر زفوركن عن ذلك بالقول بأن عبق البنفسج بالنسبة له* يتوج دائما متعة رياضة صيد الثعالب الراقية*. لكن لم* يسمع أحد عن أي* صياد قال أنه قد شم تلك الراحة*. فمعظمنا على ثقة من أن رائحة ذيل الثعلب تماثل رائحة ذيل الكلب،* في* حين* يوافق آخرون زفوركن من باب الدماثة المحضة*. ولو لم أكن أعرف شخصيا أن زفوركن مؤلف من النوع الذي* لا* يدلي* بالمعلومات جزافا،* لكنت اعتبرت تصريحه مثل حكاية الملك العاري*(*). ولكن حيث أن زفوركن قد قال ذلك،* فالأمر صحيح كما لو كنت أنا الذي* قلته*. أنا على ثقة من أن زفوركن قد شم رائحة البنفسج،* وهذا في* حد ذاته واقعة بيولوجية مثيرة*. وأتساءل عما إذا كان سيقدر لي* أن أشم نفس الرائحة أنا شخصيا*. المشكلة أن صيد الثعالب بواسطة الكلاب لا* يكون موفقا دائما*. ذلك أن الثعلب إما أن* يلجأ إلى أحد الجحور أو* يقود الكلاب وراءه بعيدا بحيث* يتعذر اصطياده قبل حلول الظلام*. ولطالما اعتبرت نفسي* محظوظا إذا ما تمكنت من اصطياد ثعلب في* اليوم الثالث من الخروج إلى الصيد،* إذ* غالبا ما* يتم ذلك في* اليوم الرابع أو حتى الخامس*. وكلما قررت تشمم البنفسج أخفق في* الاصطياد،* وعندما أوفق،* بعد جهد جهيد،* أدخل في* حالة من البهجة العارمة تنسيني* كل شيء عن البنفسج*. في* النهاية جاء* يوم شديد البرودة تمكنت فيه من الاصطياد والتذكر*. كان صباحا باردا،* وكان الهلال* يبدو كشظية كما كانت النجوم كلها* غائبة عندما خرج ثلاثة منا إلى الغابة صحبة كلبين*. كان مرافقاي* المستشار القانوني* بالناحية وعازف بيانو وكانا صيادين ماهرين كليهما*. كان مع عازف البيانو كلبه الذي* أحرز على جائزة مؤخرا وكان معي* أنا كلبي* العجوز الذي* لا* يجارى*. كلب واحد أفضل،* بالطبع،* من إثنين ليسا معتادين على العمل في* فريق،* ولكن لم* يكن أي* واحد منا مستعدا لترك كلبه في* البيت*. وأنا أشير إلى هذا هنا لفائدة الصيادين المستجدين*. إذ أنه من الأفضل أن* يكون معك كلب واحد وبرفقتك ليس أكثر من شخص*. توجد العديد من الثعالب قرب بلدتنا الصغيرة،* لكننا نعرفها كلها،* وأصبحت هي،* من ناحيتها،* شديدة الخوف بسبب استفزازاتنا وبالغة الحنكة إلى درجة أصبح معها من المستحيل النيل منها*. سرنا مع الطريق الرئيسي* عشرة فراسخ بحثا عن ثعالب نجت من عمليات الصيد*. كان هناك سوق منعقد بالبلدة،* سوق للخيول فيما* يبدو،* وعندما تقدمنا شاهدنا سيلا لا* ينقطع من الفلاحين قادما على نفس الطريق*. كنا،* لحسن الحظ،* محجوبين بالظلام وإلا لسخر الفلاحون منا سخريتهم التي* يخصون بها دائما الصيادين*. * عندما خرجنا من الظلام والتقيناهم لم* يكونوا منتبهين*. انعكاس ضوء القمر على ماسورتي* بندقيتينا جعل خيولهم تجفل مما دفعهم إلى إطلاق وابل من اللعنات*. في* بعض الحالات النادرة* يستمر حصان رصين في* السير بهدوء ويفتح السائق،* الذي* كان* غافيا فوق المزلجة،* عينيه مضطربا،* في* البداية،* لخوفه من أن نكون قطاع طرق ثم،* بعد أن* يتبين من نحن،* يقول في* مداعبة ثقيلة*: *- أوه،* صيادون*! . دام ذلك فترة طويلة،* ولما حل الضوء أخذ الجميع* يحيوننا متهكمين*: *- يا لسوء حظ الأرانب*! . وكنت أنا هدفا مفضلا*: *- لا تضيع وقتك،* يا أبي*. أثار ذلك عصبيتي* فسألت عازف البيانو*: *- كم* يوجد فلاح هنا؟* . أجاب برقم دقيق*: *- مليون*. بلغنا النقطة التي* كنا متوجهين إليها عندما أصبح الضوء كافيا لتبين آثار الثعالب فوق الثلج الذي* لم* يمض على سقوطه زمن طويل،* أطلقنا الكلاب من فورنا،* فتتبع كلبي* أول أثر صادفه،* وتتبع كلب عازف البيانو أثرا آخر مقتادا صاحبه بعيدا عنا طوال بقية النهار*. ذهبنا أنا والمستشار خلف كلبي* صاعدين تبة،* أشرفنا على أكداس رمل صغيرة مغطاة بالثلج تسببت فيها الثعالب عندما كانت تحفر جحورها بين جذوع الأشجار،* وسرعان ما اكتشفناها*. كان هناك خليط من الآثار وبينما كان كلبي* يتأملها،* قمنا نحن بدراسة كافة إمكانيات الهرب المتاحة أمام الثعلب وأفضل السبل لاعتراضه*. كان ثمة جدول متسع* يطوق المرتفع الذي* توجد به جحور الثعالب لم* يتجمد بعد وكان* يمتد كوشاح أسود بين الضفتين المشعتين ببياض مبهر*. على الجانب الآخر من التبة تمتد* غابة لا نهائية تنحل في* ضباب متراكم*. تقطع الجدول شجرة ساقطة مشكلة جسرا مغلفا بالثلج* ينطبع عليه أثر أرجل ثعلب ماضيا باتجاه الغابة*. تختفي* نهاية الشجرة في* دغل كثيف على الناحية الأخرى،* وكان عصفوران* ينقران نبات الأرقطيون هناك وبمجرد أن نالا كفايتهما من الحب نزل هذان العصفوران الجميلان ليحطا على الثلج الطري* باديي* التميز عن كافة ما حولهما وأينما توجه المرء بنظره فإنه لابد أن* يعود إليهما بابتهاج شديد*. لابد وأنه* يوجد معبر آخر في* مكان قريب لأننا سمعنا صوت كلبي* من الناحية الأخرى*. وبمجرد أن وجد خط الأثر جأر ثم اندفع نابحا بأعلى ما* يمكنه مما* يدل على أن الأثر جديد*. نزل المستشار واتخذ وضعا مناسبا في* مواجهة الشجرة الساقطة والعصفورين*. أسرعت أنا إلى الجهة المقابلة بحثا عن المنفذ الآخر*. سرعان ما صار النباح خارج مدى أسماعنا،* وبينما كنت أواصل البحث قفزت الطريدة نحو المستشار*. اندفعت نحو قمة التبة لأنظر،* على الأقل،* إلى الطريدة من زاوية أوسع وأرى إلى أين ستذهب إذا ما أخفق المستشار في* النيل منها*. قفز الثعلب نحو مساحة مكشوفة،* توقف لبرهة،* أجال البصر فيما حوله ثم واصل سيره السلس المهيب باتجاه الشجرة الساقطة حيث مازال العصفوران منهمكين في* نقر بذور الأرقطيون*. حجبت الأدغال الثعلب عن نظر المستشار لكن موقعه كان ملائما جدا واتخذ وضعية تأهب بناء على نباح الكلب*. ظللت أراقب الوضع متسائلا أي* الأمرين سيحدث أولا*: الطيران المفاجيء للعصفورين انزعاجا من الثعلب،* أم إطلاق النار من قبل رفيقي* المتأهب*. ولكن عندما حانت اللحظة نسيت كل شيء عن العصفورين*. دوت البندقية بمجرد أن أظهر الثعلب خطمه من خلال الدغل فأصابت الرصاصة رأسه*. ورغم الإصابة القاتلة ظل الثعلب* يرتفع وينزل في* الهواء في* نفس الموضع تقريبا*. أخذت قفزات الثعلب تتضاءل،* ولما همد ذهبنا لنتبين مدى ضخامته*. ما من داع للشفقة على هذا الحيوان*. فجميعنا،* أيها القراء الشفوقون،* آيلون إلى نفس المصير عاجلا أم آجلا*. أنا شخصيا مستعد لذلك،* وما* يقلقني* هو أن الناس قد* ينظرون إلي* قائلين في* خيبة أمل*: *- كم هو ضئيل الحجم*. لم أر،* حقيقة،* ثعلبا مثل هذا من قبل*. كان ثعلبا ذكرا ضخما بني* اللون،* عجوزا وبأسنان فاسدة*. لم نكن محظوظين في* الأرانب* يومها*. إذ ظل الثلج* يتساقط حتى الصباح مما قلل من احتمالات العثور على الآثار،* لذا لم نتمكن من العثور على أي* أثر لها*. انقضى النهار الشتائي* القصير دون أن نشعر وسرعان ما فاجأنا الظلام وتناهى إلينا صوت بوق عازف البيانو،* فرددنا عليه والتقينا مجددا*. لم* يصد لا ثعلبا ولا أرنبا،* لكنه سر بإنجازنا*. فلقد كان صيادا حقيقيا*. عدنا مسرورين مع نفس الطريق*. ولقد شاء سوء الحظ أن* يتزامن ذلك مع عودة الفلاحين من السوق منتشين بكأس أو كأسين،* وبمجرد أن رأونا* : ثلاثة صيادين عائدين بثعلب واحد فقط حيونا بطريقتهم المعتادة*: *- واحد فحسب؟* . لم نرد*. لكن عدم انقطاع موكبهم ذهب بصبرنا *- كم* يبلغ* تعدادهم؟* . سألت*. *- مليوناً*. أجاب عازف البيانو مرة أخرى*. سئمنا الوضع،* فابتعدنا عن الطريق الرئيسي* سالكين ممرا موازيا له عبر الغابة*. جعلنا ذلك نشعر بفرح شديد فجلسنا على إحدى الأشجار الساقطة لنرتاح قليلا*. وضع المستشار الثعلب من على كتفيه وعندها تذكرت فجأة أنني* كنت أرغب دائما في* أن أتوج متعة رياضة صيد الثعالب الراقية بنفحة من رائحة البنفسج*. ضحك مرافقاي* عندما أخبرتهما بذلك*. عندها استشهدت بزفوركن الذي* هو مرجع لدى كافة الصيادين*. فأخبرتهما عن الغدة العطرية وتلوت عليهما الفقرة المعنية من الذاكرة*. اقتنع عازف البيانو وصار بمثل اهتمامي*. أما المستشار فقد تأملني* بنظرة مهنية فاحصة،* محاولا التأكد مما إذا كنت جادا أو فقط أدبر مزحة*. *- دعني* أقوم أنا بذلك*. تطوع عازف البيانو*. رفع ذيل الثعلب وتشمم في* امتعاض*. *- توجد نفس الرائحة التي* من المتوقع أن توجد في* مثل هذا الموضع*. قال*. طافت ابتسامة متشككة على شفتي* المستشار*. أحببت أن أعاقب هذا المستشار المتشكك كما رغبت في* أن نكون متساوين فيما* ينالنا من زفوركن*. رفعت ذيل الثعلب وتعمدت أن أطيل مدة استنشاقي*. قلت بأسى*: *- أنت مخطيء* يا عزيزي*. لابد أن ذلك التبغ* الرديء قد أتلف حاسة الشم لديك*. لا أريد القول بأني* شممت رائحة البنفسج فعلا،* ولكنها على أية حال رائحة زكية*. * انطلت الحيلة،* وقام المستشار بالتشمم هو الآخر*. قال ضاحكا*: *- كلا*. لن تقنعني*. إنها رائحة كريهة*. الملك عار*. كان صف كثيف من الأشجار* يفصلنا عن الطريق الرئيسي* والسيل الذي* لا* ينقطع من المزالج*. ضحكنا*: ألن* يكون الأمر طريفا إذا ما شاهدنا كل أولئك الفلاحين ونحن نتشمم تحت ذيل الثعلب*. ما الذي* ستوحي* به إليهم،* عندها،* روح الدعابة المنتشية لديهم؟* . عندما جلسنا ثلاثتنا نتناول الشاي* في* بيتي* ذلك المساء تذكرت زفوركن في* امتعاض*. فتناولت كتابه لأوضح لصديقي* أنه* يعد حدثا علميا مشهودا له*. وعندما قرأت عليهما ما* يتعلق بمسألة الغدة العطرية تبين أنها توجد فوق،* و ليس تحت،* منبت ذيل الثعلب*. تلك الوسادة التي* تتضوع برائحة البنفسج في* الأيام البالغة البرودة توجد فوق الذيل،* وبالتحديد،* في* الموضع الذي* يريح عليه الثعلب خطمه عندما* يلتف لينام*. أثناء ما كنا نتناقش حول ذلك،* بدأت تنبعث من الثعلب الذي* كنا قد أحضرناه معنا إلى الحجرة رائحة شديدة الحدة كرائحة الكلب حتى أن رائحة سجائرنا،* ناهيك عن البنفسج،* لم تخفف منها*. فكرنا في* ملايين الفلاحين الذين نلتقيهم على الطريق الرئيسي* وكل منهم* يصيح*: *- إيه،* أيها الصيادون*! . لقد تشممتم في* الموقع الخاطيء*! . *(*) ميخائيل بريشفن* Mikhail Prishvin ( 1873- 1954) أديب روسي،* اختصاصي* في* الزراعة وهاو للصيد في* الغابات عن طريق الكلاب*. للطبيعة حضور طاغ* في* أدبه*. *(**) إشارة إلى قصة بعنوان*: " ثياب الإمبراطور* " للكاتب الهولندي* هانز كرستيان آندرسنHans Christian Anderson (1805- 1875) . التي* يوهم فيها نصابان ملكاً* بأنهما قادران على أن* يصنعا له ثيابا من قماش* غريب نادر لا* يرى*. وعندما* يخرج الملك في* موكب مهيب* (مرتديا*) ثيابه الوهمية* يصمت كل من حوله عن إعلان الحقيقة*. إلا أن طفلا كان* يعتلي* إحدى الأشجار* يصيح* ساخرا*: الملك عار*.
[/size] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad); | |
|
امبراطور الحب عضو مشارك
عدد المساهمات : 229 تاريخ التسجيل : 09/12/2009
| موضوع: رد: قصه قصيره 2010,قصص جديده 2010,قصة رائحة البنفـسج السبت يونيو 26, 2010 8:12 pm | |
| | |
|
HUMAM المدير العام
عدد المساهمات : 1983 تاريخ التسجيل : 30/11/2009
| موضوع: رد: قصه قصيره 2010,قصص جديده 2010,قصة رائحة البنفـسج الجمعة سبتمبر 17, 2010 5:00 pm | |
| تسلم حب على المرور الروعة عاشت ايدك | |
|