فيحاء العراق وعروس الفرات الاوسط

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من آثار بابل الى موقعها على نهر الفرات وطبيعتها الجميلة المحاطة بالبساتين، تزهو مدينة الحلة بتاريخها الطويل وإرثها الحضاري وموقعها الثقافي والفني في قلوب العراقيين والعالم.

والحلّة مدينة عراقية و مركز محافظة بابل تقع على بعد 100 كم جنوب بغداد ويبلغ عدد سكانها 370 ألف نسمة. والحلة مدينة يفصح إسمها عن شهرتها، ويغني ذكرها عن الحديث عنها، فالحليون عشقوا المعرفة وأحبوا العلم، فكانوا إمتدادا لمدينتهم الحافلة بالماء والخضرة، يجمعهم العطاء والنماء، ويوحدهم الطبع والعقيدة. وينحدر اغلب أبناء الحلة من عشائر آل فتلة وشمر وبني أسد وبني حسين وتوت والعميدي والشلاه، الى جانب مجموعات اخرى نزحت من المحافظات الوسطى والجنوبية لتستقر فيها وتكنى تالياً باسم المدينة.

كانت الحلة محط إهتمام الناس والرحالة، وكان أمير المؤمنين الإمام علي ابن ابي طالب (ع) أول من أشار اليها قبل وجودها، فعن ابي حمزة الثمالي عن الأصبغ بن نباتة قال: صحبت مولاي أمير المؤمنين (ع) عند وروده الى صفين، وقد وقف على تل عرير، ثم أومأ الى أجمة ما بين بابل والتل، وقال: مدينة وأي مدينة، فقلت : يامولاي أراك تذكر مدينة، أكان ههنا مدينة وانمحت آثارها، فقال: لا، ولكن ستكون هنا مدينة يقال لها ،الحلة السيفية، يمدنها رجل من بني أسد يظهر بها قوم أخيار، لو أقسم أحدهم على الله لأبر قسمه.

الأسدي بنى الحلة (السيفية) ولم يدفن فيها

يذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان (ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد ألأسدي، فلما قوي أمره وإشتد أزره وكثرت أمواله لإشتغال الملوك السلجوقية بالحروب في ما بينهم، انتقل الى الجامعين موضع غربي الفرات ليبعد عن الطالب وذلك في الحرم (495) هجرية. وكانت الجامعين أجمة تأوي اليها السباع فنزل باهله وعساكره وبنى فيها المنازل الجميلة والدور الفاخرة وكذلك أصحابه فصارت ملجأ ومقصدا للتجار وصارت أفخر بلاد العراق وأجملها في زمانه، فلما قتل بقيت على عمارتها.) والأمير صدقة قتل في معركة بينه وبين السلطان ملك شاه، قرب النعمانية في واسط، وحمل رأسه الى بغداد ودفن جسده قرب المدائن ولم يدفن في المدينة التي أسسها برغم إن أهالي الحلة يظنون إن أحد القبور الأربعة في شارع الأمام علي هو قبر صدقة ولكن ليس له سند تأريخي يعضده.

وعرفت الحلة بـ(السيفية) نسبة الى الأمير سيف الدولة الذي بناها، وبـ (المزيدية) نسبة الى مزيد قبيلته. وبعد ثمانين عاما على تمصيرها زارها الرحالة ابن جبير فقال واصفا إياها: (مدينة كبيرة، عتيقة الوضع، مستطيلة، لها أسواق حفيلة، جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية وهي قوية العمارة، كثيرة الخلق، وألفينا بها جسرا عظيما معقودا على مراكب كبار متصلة من الشط الى الشط، تحف من جانبها سلاسل من حديد كالأذرع المفتولة عظما وضخامة، ترتبط الى خشب مثبتة في كلا الشطين تدل على عظم الأستطاعة والقدرة.)

وتعاقب عليها الرحالة بعد ذلك، ومما دفع الى تعاظم النهضة الفكرية والثقافية فيها هو حب أمرائها للعلم وتشجيعهم للعلماء والشعراء والأدباء وممن على شاكلتهم، واجزال الرفد والعطاء لهم،بل إن أمراء الحلة كانوا أهل شعر وأدب وعلم فكان لسيف الدولة المزيدي مكتبة ضخمة تضم الوف المجلدات. وفي القرن السادس الهجري أسس الشيخ المجدد محمد بن إدريس الحلي نواة حوزة الحلة التي أخذ شأنها يتعاظم واستمرت زهاء ثلاثة قرون.

منيعة الأسوار.. غزيرة بمواقعها الأثرية

كانت الأسوار تبنى لحماية المدن من الغزوات وتسلل الحيوانات الضارية فمنها مابقي رمزا شاخصا ومنها ما اندثر وسور الحلة تم بناؤه في زمن الدولة المزيدية وظل شاخصا حتى بدايات القرن الماضي وذلك على يد مؤسسها (صدقة بن مزيد الأسدي) وأجريت التعديلات عليه في الأزمنة المتعاقبة وصولا الى بدايات القرن المنصرم حيث أهمل السور وبدا بالتلاشي شيئا فشيئا حتى إختفى تماما.

ولتوسط هذه المدينة خريطة العراق كانت مركزا تجاريا وصناعيا مهما حيث تجارة الحبوب والزيوت الصناعية والحيوانية وتجارة التمور. كل ذلك جعل المدينة للسراق وقطاع الطرق فكانت الحلة تتعرض باستمرار الى غزوات وصراعات عديدة حيث كان لسورها أهمية كبرى في إعاقة هؤلاء من العبث بالحلة وأهلها. وكان للسور أربعة أبواب تفتح وتغلق يوميا وبأوقات معلومة وفي حالات الطوارئ تغلق تلك الأبواب الى حين زوال ذلك الطارئ. لقد تعود سكان الحلة على هذه التوقيتات، فالمسافر مثلا يعرف وقت عودته فإذا تأخر حرم من دخول المدينة عندها يكون مسؤولا عما يحدث له خارج سورها.

أما المسؤول عن إعطاء أوامر الفتح والغلق هذه فهو حاكم المدينة أو من ينوب عنه أو أحد أعيانها وأشرافها ولتلك الأبواب حراس خاصون بها يقومون بفتحها وغلقها حسب الأوامر.

وسور الحلة كما وصفه الراحل معز الدين القزويني‘ أحد أقدم سكنة الحلة، (هو سور عال مهدم وغير مكتمل كما رآه هو أي (باقي سور الحلة) وله أربعة أبواب أولها باب المشهد وهو أكبرها وموقعه الحالي مجاور مستشفى الأطفال الحالي في الحلة ويمتد السور محاذيا لسوق الخضراوات شاقا السوق واصلا الى بداية السوق المسقف حيث بابها الثاني واسمها باب (المهدية) وموقعها بداية السوق بجانب (الجبل) ممتدا ذلك السور الى منطقة (التابية) واصلا الى منطقة (التعيس) ومن ثم ماشيا الى أن يصل منطقة الأكراد حيث باب الحلة الأخير باب (الحسين) لأستقباله الطريق المؤدي الى مدينة كربلاء المقدسة حيث مرقد الأمام الحسين (ع) وموقعها الحالي قرب دائرة كهرباء بابل، أما الجزء الأخير من السور فكان لشط الحلة فضلا إن يكون سدا مائيا طبيعيا يعمل عمل سورها المبني لإعاقة وصد هجمات الطامعين وقطاع الطرق).

وتعد الحلة من أكثر المدن العراقية إحتواء لمراقد وقبور الصحابة والعلماء والمفكرين، ورغم إندراس الكثير منها بفعل فاعل أو بفعل الأهمال، الا إنها ظلت تحوي العشرات من المراقد التي تمتد على طول الطريق المسمى بـ(السياحي)حاليا ومن أهم هذه المراقد: بنات الحسن وإبن الحمزة، والقبور الأربعة التي تتوسط شارع الأمام علي وتضم قبر الشيخ يحيى بن سعيد الحلي، وقبر السيد جلال الدين بن جعفر من ال سليمان ويعتقد انه جد الشاعر السيد حيدر الحلي والقبر الثالث هو لأحد أبناء الأمام علي الهادي (ع) والقبر الرابع ينسب خطأ لدبيس بن علي بن مزيد بن صدقة الأسدي. وأيضا قبور العديد من العلماء والفقهاء مثل: قبر عالم النحو واللغة محمد بن حميدة النحوي الموجود حاليا في محلة الجامعين، والفقيه محمد بن إدريس الحلي الذي يقع مرقده داخل حسينية كبيرة عرفت باسمه (حسينية ابن ادريس) في شارع الطهمازية و قبر شيخ الفقهاء نجيب الدين محمد بن نما في (محلة الجباويين) عند عكد الطويل. ومرقد الشيخ محمد بن طاووس الذي يرجع نسبه الى الأمام الحسن ابن الأمام علي (ع) ومرقده يقع في الحلة السيفية عند الشارع القديم الطويل.

ويعد جامع الحلة الكبير من أهم الآثار الإسلامية الباقية ويعرف عند أهل الحلة و يحتوي على المنارة فقط من دون القبة وفي عام ( 1395 هـ / 1975 م ) هدمت تلك المنارة وكتابتها فضاعت معالمها التاريخية.

أسواق الحلة ومحلاتها

يعد سوق الحلة الكبير من أهم أسواقها وهو سوق طويل يمتد لمسافة متعرجة، تعلوه صفائح من (الجينكو) مثلثة الشكل تقريباً تمنع حرارة الصيف وبرودة وامطار الشتاء.. يتراوح عرضه بين اربعة الى خمسة امتار..لم يكن السوق بطوله الحالي قد انشئ دفعة واحدة، بل لم يكن اول سوق في الحلة، انما هناك سوق صغير يحاذيه من الجانب الجنوبي يسمى بـ (سوق الغَيْبة) ذكره المؤرخون والرحالة الذين زاروا مدينة الحلة قبل قرون، واقترن اسمه بمقام للامام محمد بن الحسن المهدي (ع)
ومن الاسواق المعروفة في السوق الكبير سوق الخضار وسوق البزازين (التجار) وسوق القصابين وسوق الخفافين وسوق الحدادين وسوق النجارين وسوق الصاغة وسوق الصفارين واسواق اخرى كثيرة لم تتخذ اسماً خاصاً لها لتنوع المهن والحرف فيها. ومن أهم محلات الحلة المحيطة بالسوق: (جبران والمهدية والجباويين والطاق) ومن أهم أحيائها: البكرلي والوردية والجامعين وحي الحسين.

ومنذ اكثر من ثلاثين عاماً لم يكن السوق يضم سوى عربات معدودة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة، كان يعرف صاحبها يومذاك بـ (الخردة فروش) لكن الايام العصيبة التي انهكت العراقيين بحروبها ومرارتها جعلت تلك العربات الخشبية الجميلة تتناسل الى سلسلة متصلة من (الجنابر) و(البسطيات) احتلت وسط السوق حتى بات من الصعب جداً اختراقها فعرقلت حركة المرور وتسببت بزحام شديد.

تتعدد المحال في السوق المسقفة المسماة بـ(سوق العمار)، كما تكثر فيها الخانات والسيافة (سايلوات مصغرة لخزن التمور والحنطة والشعير واعلاف الطيور) .

حديقة خاصة بالنساء وشارع للمكتبات

ويعد الجسر العتيق من أهم معالم الحلة التي تربط جهتيها ببعضها ويرتبط به أهل الحلة كونه جزءا من ماض عتيق وذكريات عطرة، و غالبا ما يزدحم بالعابرين بين الضفتين. وقرب الجسر العتيق كانت ثمة حديقة خاصة بالنساء انشئت في ثلاثينات القرن الفائت، بعدما استقطب شط الحلة الكثير من نساء المدينة. وتعد الحديقة من المعالم التي تفردت بها مدينة الحلة عن بقية مدن العراق ، وكان لا يسمح بدخول الرجال اليها باستثناء بعض الباعة. استمرت الحديقة باستقبال النساء حتى مطلع عقد الثمانينات من القرن الفائت، حيث غابت النسوة عنها بسبب تغير الظروف الأجتماعية.

ويعد شارع المكتبات في محلة جبران الوليد الشرعي لشارع المتنبي في بغداد، ويبلغ طوله 400 متر تقريباً، ويبدأ شمالا من ساحة القشلة لينتهي بشارع الامام علي جنوباً، ولم يتبق من مكتباته سوى مكتبة الفرات وهي الاولى التي عرفها الشارع. ومن أهم مكتبات الشارع: المكتبة العصرية في العام 1927 ومكتبة المعارف في العام 1940 ومكتبة الرشاد (1947) والرافدين (1953) والجمهورية (1956). وتدريجيا تحول الشارع الى واجهة المدينة الثقافية وملتقى العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية ومنهم الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم الذي كان حينها آمراً لحامية المسيب، اذ كان يأتي الى الحلة مساء كل خميس لينتقي عدداً من الكتب، وفاضل عباس المهداوي ومحمد رفيق عارف الدكتور احمد سوسة. ومن أهم الشخصيات التي تفخر الحلة بانجابها الشاعر صفي الدين الحلي والمطرب العراقي الراحل سعدي الحلي ومن هذه المدينة بزغ نجم رزاق فرحان من قضاء المدحتية لاعب المنتخب العراقي. واختيرت مدينة الحلة عاصمة للثقافة في العراق للعام 2008 لما تتمتع به هذه المدينة من كثرة التجمعات الثقافية والمعارض الفنية

مشكوووووور حبي على الموضوع الروعااااااااااااااااا

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتي

روعة روعة روعة

عاشت ايدك يالغالي

مواضيعك دائما مميزة

شكرا لكم على مروركم

تسلمولي

موضوووووع رووووعة
عاشت ايدك
تحياتي

تسلمين يالغالية

مرورج افرحني

» ديمقراطية العراق في حريته
» عراقي يصطاد سمكة قرش في نهر الفرات جنوب البلاد
» شعر عن العراق
» صور اعلام العراق
» حكام العراق